الثقوب السوداء وعلاقتها بمشروع سيرن الخطير
ان الكون ملئ بالأسرار الغريبة والتي يصعب على البشر تفسيرها
الثقوب السوداء من أغرب الأشياء الموجودة في الكون وقوانين الفيزياء تكون غير مفهومة تمامآ عندها وحتى نفهم أكثر عن الثقوب السوداء سوف نحاول الإجابة على العديد من التساؤلات المهمة وهي
* ما هو الثقب الأسود
* ولماذا تمت تسميته بهذا الاسم
* وما علاقة الثقب الأسود بالسفر عبر الزمن
وغيرها الكثير من المعلومات التي تقرب لنا الصورة أكثر وأكثر في رحلة مثيرة عبر الكون من خلال أهم قوانين الفيزياء التي تحاول تبسيطها لأقصى درجة ممكنة
إذن فلنبدء بالإجابة على أهم هذه التساؤلات .
الثقب الأسود
الثقب الأسود هو جسم في الفضاء كثافته عالية جدا تنتج عن انفجار نجم ضخم حيث تكون كتلته على الأقل 3 أضعاف الشمس حيث أن النجوم عبارة عن تجمعات مهولة من ذرات الهيدروجين غالبآ وبداخل كل نجم تحدث تفاعلات نووية تندمج فيها ذرات الهيدروجين وتتحول الى هيليوم كما يحدث في الشمس وينتج عن التفاعل كمية مهولة من الطاقة تبدء تخرج من لب النجم وتتحدى جاذبيته وبهذا يظل النجم في حالة مستقرة نوعآ ما وهذا هو الوضع في الشمس .
أما في النجوم التي كتلتها أكبر من الشمس بكثير نجد أن الضغط والحرارة الموجودة في اللب أكبر بكثير وهذا يسمح بدمج عناصر أثقل من الهيدروجين وتظل التفاعلات مستمرة حتى تصل لدمج عنصر الحديد حيث التفاعل الذي ينتج عنه عنصر الحديد لا ينتج عنه
أي نوع من الطاقة وعندما يقف إنتاج الطاقة يبدء يحدث خلل في التوازن بين الإشعاعات التي تحاول الخروج والجاذبية التي تحاول جذبها
و يبدء عنصر الحديد يزيد في اللب حتى يختل التوازن تمامآ وعندما يصل لمرحلة حرجة ينهار اللب وفي جزء من الثانية ينهار النجم
على نفسه و يبدء ينكمش وكثافته تزيد جدآ مم ينتج عنه كتله خيالية في حجم لا يذكر
وهذا هو بالضبط الثقب الأسود
وبم أن الرؤية عند البشر معتمدة على الضوء المنعكس من الاجسام فهذا معناه عدم قدرتنا على رؤية الثقب الأسود
ولكن يتم رصد تأثيرها بإحدى طريقتين
الأولى : عن طريق الاشعاع المنبعث منها أثناء سحب الغبار أو الغاز أو النجوم
الثانية : عندما نجد النجوم تدور في مدار حول شيء مختفي ومجهول عندها يتم معرفة وجود ثقب أسود في هذه المنطقة وهو الذي يجبر النجوم بأن تدور حوله بسبب جاذبيته الضخمة .
الثقب الأسود يتكون من
أولآ : الحدود المحيطة به والتي يطلق عليها أفق الحدث { Event Horizon }
وهذه المنطقة تمثل اللا عودة لأي شيء يصل لها وتعتبر أخر منطقة يصل لها الضوء الذي تبتلعه الثقوب السوداء .
ثانيآ : التفرد { Singularity }
وتعتبر قلب الثقب الأسود
وحتى الان عجز العلم والعلماء عن حل الغموض الموجود داخل هذه المنطقة وكل قوانين الفيزياء التي نعرفها تفشل تمامآ عن تقديم أي تفسير لما يحدث داخل التفرد والتي تعمل انحناء في نسيج الزمكان الي الأسفل الى ما لا نهاية
وحيث أن أبعاد الكون المكونة له أربعة ( طول - عرض - ارتفاع - زمن )
بسبب كتلة الثقوب الجبارة تسبب انحناء رهيب في نسيج الزمكان المكون منه الفضاء كله والذي أثبت وجوده
ألبرت أنيشتاين بنظريه النسبية
حيث أن أي زيادة في الكتلة تعني زيادة الجاذبية واكبر كتل موجودة في الكون هي كتل الثقوب السوداء .
كذلك توقع انيشتاين وجود الثقوب الدودية
وهي عبارة عن أشياء تثني الفضاء نفسه فبدل من أن تسافر من نقطة لنقطة على بعد ملايين السنين الضوئية
ممكن ان تدخل في ثقب دودي تصل لنفس النقطة بدون ان تقطع كل هذه المسافة مثل اختصارات في الفضاء أو السفر عبر الزمن
ولكن الثقوب الدودية مجرد فرضية لم تثبت صحتها حتى الان .
اكبر ثقب أسود فائق الكتلة تم اكتشافه هو الثقب الأسود العملاق الموجود في المجرة على بعد حوالي 300 مليون سنة ضوئية من الأرض وهو يعتبر وحش الكون حرفيآ وكتلته تساوي 21 مليار كتلة الشمس
هذا النوع من الثقوب السوداء فائقة الكتلة هي النوع المسيطر على حركة الكون بالكامل حيث يوجد في مركز كل مجرة ثقوب سوداء هي السبب في تجمع كل مجرة على بعضها لأنها تجبر كل الأجسام في المجرة أن تلف حولها باستمرار بسبب جاذبيتها الرهيبة وبدونها لم تكن توجد مجرات في الكون .
الثقوب البيضاء
الثقوب البيضاء ما هي إلا عكس الثقوب السوداء وكما يجذب الثقب الأسود الأجسام ناحيته فان الثقب الأبيض يدفع الأجسام بعيدآ عنه وكأنه هو المنفذ الذي تخرج منه كل المواد المحبوسة داخل الثقوب السوداء
فرضية الثقوب البيضاء ظهرت كأحد الحلول لقوانين النسبية العامة والتي نصت
على أن وجود الثقوب السوداء يحتم وجود ما هو معاكس لها وهي الثقوب البيضاء ويكون الزمن فيها معاكس للزمن
في الثقوب السوداء كأنها ثقب أسود مقلوب وجودها كحتمية وجود العدد الموجب والعدد السالب لحل المعادلة .
الثقوب البيضاء مازالت نتائج للمعادلات فقط ولا يوجد ما يثبت وجودها سوى معادلات انيشتاين ومازالت شيء نظري بحت والعلماء لم يرصدوا أي ثقب أبيض إلا أن المجتمع العلمي مازال مؤمن بوجودها كونها أحد الحلول لمعادلات النسبية والمعلومات المتوفرة تقول أن الثقب الأبيض يكون حدث تابع لنشأة الثقب الأسود
ولكن ما هو مصير الأجسام التي تدخل في الثقوب السوداء
علماء النسبية يرجحون أن الانسان عند دخوله هذه النقطة من الكون لا يشعر بشيء فهو يطفو في الفضاء ولا يمكنك
أبدآ وضع قوانين في الفضاء لأن عقلك بالطبع لا يمكنه أن يضع حدود لشيء لا يمكنه إدراكه
ومع ذلك سيظل العلماء في بحث دائم عن قواعد وحدود لكل شيء .
هل الثقب الأسود والثقب الأبيض آلة للسفر عبر الزمن
اذا افترضنا أن شخص ما دخل في ثقب أسود فانه بالنسبة لنا نرى أن زمن هذا الشخص تباطأ تدريجيآ حتى يتوقف
أما بالنسبة له فان الوقت يجري بسرعة فلكية وهذا معناه أنه عند خروج هذا الشخص من الثقب الأسود بعد دقيقة واحدة يكون قد فات من عمر البشرية آلاف السنين
وبذلك فان الثقب الأسود بمثابة السفر الى المستقبل أما المرور من الثقب الأبيض فهو بمثابة السفر للماضي
حيث أن الثقب الأسود والثقب الأبيض وجهان لعملة واحدة كل منهما مرتبط بالأخر والأثنين يمثلوا مسار وكأنه مسار زمني له مدخل وله مخرج وهو شيء أشبه بالمسار الدودي الذي يستطيع الانسان من خلاله أن ينتقل من زمن لزمن أخر أو من مكان لمكان أخر
وفي هذه الحالة فان الثقب الدودي مدخله هو الثقب الأسود ومخرجه هو الثقب الأبيض .
مصادم الهادرونات الكبير سيرن :
من واقع أن كل الكون الذي نعرفه بكل النجوم والكواكب والمجرات والثقوب السوداء يمثل 5% فقط من إجمالي الموجود فعلآ في الكون وأن 27% يتكون من المادة المظلمة وهي نوع من المادة الخفية غير المرئية و 68% من إجمالي الكون يتكون من الطاقة المظلمة لذا يعتقد علماء الفيزياء أن جهاز المصادم سيرن يمكن أن يقدم المفاتيح لفهم طبيعة هذه المادة الغامضة .
في سنة 1964 نشر العالم البريطاني الشهير بيتر هيجز ورقة بحثية أنه يوجد حقل وهمي وغير مرئي موجود في كل الكون وسماه حقل هيجز وهذا الحقل تسبح فيه كل الاجسام الموجودة في الكون كله ومن خلال تفاعل هذه الاجسام مع الحقل الغير مرئي تتولد الكتلة والجسم الذري الافتراضي الذي يتكون منه الحقل وسماه هيجز بوزون
ولكن لم يتم اثبات هذا المجال الخفي وعمل تجربة يكتشف بها الجسم الذري والذي يكسب كل المواد الموجودة في الكون كتلتها واستمر هذا لأكثر من 50 سنة لأنه كان يحتاج لقدر من الطاقة يستحيل أن تتوفر في هذا العصر
ولهذا كان هذا الاحتياج لهذا المشروع الكبير سيرن .
مختبر سيرن
هو اكبر وأضخم مشروع عرفته البشرية وهو معجل طاقة صادم هيدروني كبير ويقع في مجمع سيرن بالقرب من مدينة جنيف الواقعة بين دولتي فرنسا وسويسرا ويبلغ طوله 27 كيلو متر على عمق حوالي 100 متر تحت الأرض
وهو اكبر جهاز عرفته البشرية في تاريخها وقد بلغت تكلفة انشائه ما يقارب ستة مليارات دولار .
يقوم هذا المشروع بوظيفته عن طريق عمل معجل طاقة صادم هيدروني كبير بأطلاق شعاع من هذا الصادم والقيام بزيادة سرعتها حتى تصل ما يقارب سرعة الضوء والتي ستؤدي لحدوث 600 مليون اصطدام بين البروتونات في الثانية الواحدة وكل اصطدام يحدث ينتج آلاف الجزيئات التي سيقوم العلماء بدراستها .
مختبر سيرن بدء عمله منذ عام 2008 وقدروا يكتشفوا بوزن هيجز وهذا كان في أول دورة لمفاعل سيرن وفاز هيجز بعدها بجائزة نوبل في عام 2018
كانت الدورة الثانية وبطاقه اكبر ومن خلالها تم معرفة شكل تشكيلات البروتونات وكيف يتفاعل معها بوزن هيجز وكيف ينهار ويتحلل بعد هذه التفاعلات .
في 5 يونيو 2022 بدء الدورة الثالثة من عمله وتم تشغيله بطاقه مقدارها أضخم من الدورتين السابقتين مجتمعين
وأكتشف العلماء ثلاثة جسيمات دون ذرية أي أن هناك ثلاث جسيمات دون ذريه لم يسبق لها مثيل تم اكتشافها في التجربة والتي تعتبر هي التجربة الأكبر والأخطر لمسرع الجسيمان سيرن
بعض العلماء يعتبر هذا الحصول على علم جديد وهناك من يراه محاولة لفتح بوابات أخرى والبحث في غرائب الكون
ذلك المشروع المثير لكثير من المخاوف والغرائب وحتى النوايا .
بهذا المشروع بدء عصر جديد من فيزياء الجسيمات مم يفتح الباب لرصد أشياء في الكون لم يتم اثبات وجودها من قبل
مع بداية عمل مفاعل سيرن والطاقة الهائلة التي سيعمل بها فهو على وشك صنع فجوات حقيقية في الواقع نفسه التي يمكن ان تدمر الكون بالكامل
ومن أشهر العلماء الذين حذروا من هذه التجارب هو ستيفن هو كينج والذي يعتبر واحد من أبرز علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون في التاريخ وقال أن التجارب التي يتم عملها في سيرن خطيرة جدآ وممكن أن تؤدي لحدوث
ثقب أسود على كوكب الأرض وتتسبب في دمار وفناء الكون كله
وذلك لآنه يرى أن جسيم يوزن هيجز غير مستقر وهذا سوف يعرض الكون لتفريغ ضخم على شكل فقاعات من الفراغ والتي تتمدد بسرعة الضوء وهذا يمكن أن يحدث في أي وقت .
ولا يمكن توقع حدوثه قبلها وهذا يعني أن الكون كله قد دخل في ثقب أسود
كما يعتقد الكثير من العلماء أن تصادم البروتونات في ألة سيرن العملاقة سيعيد الأرض لتكوين نفس الظروف التي سادت الكون مباشرة بعد الانفجار الكبير مم سيسبب توليد ثقوب سوداء صغيرة جدآ قد تكبر الى أن تبتلع كافة المادة المحيطة بها قبل أن تلتهم الأرض بأكملها .
ولكن علماء سيرن نفوا هذا الاحتمال وقالوا أن الثقوب السوداء التي تظهر خلال المصادمات ستبقى جزء من الثانية ثم تتلاشى وهي لا تمثل خطر على الجنس البشري
فهل سنشهد النهاية أم سنشهد بداية عهد جديد .....
تعليقات
إرسال تعليق